مرتادو غواية ...الحافلة
ينتظرونها في المنعرجات الكئيبة. كانت تصنع الفرح بمجرد أن تظهر في الأفق. تمدّ يديها كالأشرعة وهي تطوي المسافات وتلهث ويسمع شخيرها من الدواوير المجاورة للطرق الترابية والمداشر المحظوظة القريبة من الطرقات المعبدة. يتكدسون فوق مقاعدها التي تمنحهم الدفء مقابل دريهمات معدودة. لم تكن مكلفة أبدا لجيوب الضعفاء. يصعد البعض فوق سطحها كي يحرس الدجاج وأكياس الطحين والقمح ورزم الثياب والأفرشة. كانت حافلات "البيرليه" تُعرَف بأصحابها، فهي إما لعائلة خطابي أو قوطاس. كم من العجلات بدّلتْ بقدر ما بدل الناس من أحذية. لا تئن ولا تشكو طول الطريق. فرحها الكبير هو فرحهم حين توصلهم إلى مبتغاهم. ها هم اليوم قد وصلوا إلى مبتغاهم النهائي واشتروا سيارات المرسيدس والرانج روفر رباعية الدفع والكيا سيراطو. مثل الطيور تماما، جاءت إلى هذا المكان القصيّ كي تموت في صمت. من يذكرها؟ من يحنّ اليوم إليها؟ كان يمكن أن تتحول إلى مكتبة أو مطعم أو مقهى أو متحف...أيها الجاحدون / أعرفكم واحدا واحدا.
(الصورة عبد السلام يخلف رفقة صديقي علي دعاس، قسنطينة، ضواحي قرية ابن باديس / الهرية 28-05-2012)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire