vendredi 27 novembre 2020

 

من أرشيفي

في بداية 1987 كنت أقيم بالحي الجامعي "قلين آير" (Glen Eyre Hall) بجامعة ساوثامبتن/ بريطانيا دق أحدهم باب غرفتي التي كانت في الطابق السفلي ففتحتُ. وجدت بالباب شابا في سني آنذاك (25 سنة) ابتسمَ مقدِّمًا نفسه باحترام: "أنا جيري". فقلت مبتسما: "أنا لست طوم". ضحك قائلا: "أنا مبعوث الكنيسة القريبة من هنا، هل يمكن أن تمنحني فنجان شاي كي نتحدث قليلا؟". لم أمانع لأنني كنت حينها رياضيا وأمارس الكاراتيه و لا خوف من الشاب. لم يكن هناك إرهاب آنذاك أو قنابل موقوتة. أدخلته غرفتي وجلسنا تتوسطنا طاولة صغيرة منبسطة وضعتُ عليها كأس شاي وبعض المكسرات وشيئا من البسكوي.

أخرج الشاب رزمة من الأوراق وراح يتحدث عن فضائل الدين المسيحي وصفات يسوع المخلّص والألم الذي تعرض له على يد البشر ثم الطريقة الشنعاء التي مات بها ولكن وبعد أن تم دفنه، أراد له الله حياة أخرى في السماء فأحياه من جديد وبطريقة ربانية صعد إلى السماء. استرسل الشاب في الحديث واستهوته اللحظة خاصة وأني كنت مستمعا من النوع الرفيع، و لم أعلّق بكلمة واحدة. كنتُ أبتسمُ فقط. بعد حوالي عشرين دقيقة أنهى الشاب حديثه موجها سؤالا إليّ: ألا تريد أن تقول شيئا؟ قلت: بلى، أريد أن أعلق فقط على ما قلتَه. هناك رسول آخر وديانة أخرى مكملة لما قلتَه ولكن فيها تصحيحات لأقوالك، اسمها الإسلام الذي هو ديني. يروي رواية مغايرة لما سردتَه. الذين قتلوا المسيح هم اليهود والذين عذبوه وصلبوه هم اليهود لكن الله لم يمنحهم هذه الفرصة بحيث شبه لهم رجلا منهم على أنه المسيح. المسيح لم يُقتل و لم يُصلب و لم يدفن و لم يحيا من جديد، لقد رفعه الله إلى السموات العليا. تلك حكمته.

قال: هل هذا هو الإسلام؟ قلت: نعم. قال: هل تأتي بعد يومين إلى الكنيسة القريبة من هنا كي تحضر الخطبة التي سيلقيها أحد أكبر رجال الدين المسيحيين عندنا؟ قلت: بفرح وسرور وسأرنّم معك إن شئت...

فرح الشاب لعدم وجود التعصب من الجانبين. جاء الموعد وذهبتُ إلى الكنيسة وبعد الخطبة إياها تحادثتُ مع جون شابمان (John Chapman) رجل الدين الذي سألني: هل تؤمن بالمسيح؟ قلت: طبعا، لا يمكن أن تكون مسلما إذا ما لم تؤمن به وبالأنبياء الآخرين وهذا شرط لازم وضروري للعقيدة (sine qua non). افترقنا وقد قال لي: رعاك الله (God bless)، فابتسمتُ ممازحا: "أيهما؟" (Which one of them ?) فقال: ذاك الذي تؤمن به (The One you believe in Him).

أهداني الكاسيت التي تحمل صورته والخطبة التي ألقاها والأسئلة التي طرحها.

صورة الكاسيت الزرقاء...

عبد السلام يخلف



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire