العبث بالدستور
يبدو أن النقاش حول الدستور الجديد للجمهورية الجزائرية أصبح
لعبة للكتبة وفقهاء القانون والعابثين بالفكر فقد تم في التعديل المقترح للدستور إضافة الفقرة التالية "يمكن
للجزائر في إطار الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، وفي ظل
الامتثال التام لمبادئها وأهدافها، أن تشترك في عمليات حفظ سلام في الخارج".
السؤال غير مرتبط
بنجاعة هذه المنظمات والإيديولوجيات التي تقف وراءها والقوى التي تحركها وترسم
أجنداتها والمخاطر على الجيش الجزائري وأبناء الشعب، أتساءل: لماذا إضافة مادة في
الدستور تتعلق بإمكانية المشاركة في قوات حفظ الأمن الأممية ؟ هل هذا يتطلب تغيير الدستور؟
لقد علمونا في الجامعة أثناء دراستنا للعلوم
السياسية أن الدستور هو وثيقة كتبت خصيصا لتسيير الشأن الداخلي وضبط الإجراءات
القانونية للعلاقة بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية أما السياسة
الخارجية فتوضع لها خطوط عريضة فقط و لا تلتزم الدولة بتغيير دستورها لأن مصالحها
في العلاقات الدولية تغيرت أو أن حلفاءها تبدلوا.
مقارنة صغيرة تفيدنا هنا وتلخص الأمر: حين
نأخذ الدستور الأمريكي كمثال، فمنذ القرن الثامن عشر والتعديلات الستة والعشرون
التي حدثت على الدستور كانت لها علاقة بالشأن الداخلي وعمل الكونجرس والحقوق أما
السياسة الخارجية فترِدُ في وثائق أخرى لوزارة الخارجية ووزارة الدفاع وكافة مراكز
البحث والجامعات العاملة من ورائها. إن التحولات التي مرت بها السياسة الخارجية
الأمريكية بين العزلة والتدخل والحروب الاستعمارية ومساندة الدكتاتوريات في العالم
وقمع الشعوب بدعوى دعم الديمقراطية ومكافحة الإرهاب وسباق التسلح والحرب النووية وحرب
النجوم لم تدفع بأمريكا إلى تغيير دستورها أو إضافة مادة تبيح لها التدخل أو عدم
التدخل.
ذاك منطق الدول الكبرى، أما نحن في الجزائر
فما زال قادتنا ومشرّعونا يرون أنه علينا أن نفضح كل خطواتنا ونعتذر عن كل ما نقوم
به ونستعمل الشفافية حتى في السياسة الخارجية التي لا تستدعي الشفافية أبدا حتى أن
وزارتها هي وزارة سيادية وميزانيتها ميزانية خاصة وغير معروفة.
لا حاجة للدستور الجزائري بهذه المادة التي
ستقزمه وتجعله وثيقة مرحلية تتغير مع تغير الأحوال في العلاقات الدولية.
(الصورة ع يخلف، الصادق الصغير، 14 11
2009، قسنطينة)
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire