يوم واحد يكفي... لنعرف
الحياة
قد لا أوافقك الرأي في الكثير من الأشياء
منذ زمن. قد أختلف معك في مواقفك من الحياة. قد أقف معارضا لبعض الرؤى التي تقودك
لقول أشياء لا أجاملك في قبولها: مع كل هذا أتفهم موقفك وأواسيك. أواسيك دوما
للفقد الكبير الذي أراك تلاحقينه، تذهبين نحوه بجنون. أواسي حزنك الممتد وهو يضرب
بحوافره ويبطش بالهناء والهدوء وطيب الخاطر، وهو يعكر صفو الأمسيات المطلة على
شرفات الكسل، وهو يلعب دور الترجمان بين الوداعة المستميتة في سحرها والمجرات
الآسرة التي تغرق في القهقهات، وهو يخنق الأغاني وينصب الفخاخ للكلام البهي، وهو
يقرع باب الحكاية الجميلة كي يأسر ما تبقى من نهاية سعيدة، وهو ينبش الجرح بخفته
الساحرة كي يدفع العين للبكاء، وهو يكسر المسافة بين الروح وغبطتها ويفرح للهاثها
الضائع، وهو يزرع الغموض في تلة القطن كي تتحوّل إلى مارد يطفئ الفوانيس كلها
ويسكت الأجراس. أمدّ يدي لك حين أراك تتوجهين نحو الأقاصي وتسقطين في برك الثلج.
أمدّ يدي حين أراك تفقدين الكثير من الريش وتسقطين من الأعالي كالطائر الذي لم يعد
على حال، بل صار كالخيال الشارد داخل أغنية موجعة. أمدّ يدي حين أراك تنزلقين في
شقوق الأيام المارة كالريح وفي الحياة متسع لخطواتك البهية وضحكك العالي. يكفي يوم
واحد كي نعرف الحياة فلماذا التمادي في جدال لا يقود إلى أي وجهة؟ كل الوجهات
عامرة بالقلق وليس من شأن القلق أن يسكب العسل في كؤوس الجالسين حول الارتباك
الدائم أو موائد الشظايا. إنه الرخام يا صديقتي. بَرْدُ الحياة.
ع يخلف