jeudi 6 décembre 2018



النحام الوردي...بهجة المستنقعات
طائر جميل يهاجر من قارة لأخرى ومن فرح لآخر، يطير بأناقة ويقطع المسافات الطويلة دون ملل أو تعب. تحفة من تحف الطبيعة، لم تحرمه السماء كل الألوان الباردة التي يحملها فوق ريشه ومنقار مقوس يشبه الحلم. يطارد الريح، تلاحقه الفراشات وهو في موكب مهيب مع رفقائه الكثيرين. يحط في البركة ويمشي في المياه الضحلة باحثا عن الراحة وشيء يأكله. إنه مبعوث السماء إلى البركة، يحمل بشرى وبعض الوعود التي تسبق خطواته وأمنيات أمه التي غادرها بعد أن خرج من العش. ها هو البشروش صديقنا. انتهت رحلته على حافة بركة بضواحي قرية "ابن باديس" / الهرية بقسنطينة. مات وهو يحضن الأرض كرة ملونة تشعلها الشمس نورا عند الغروب.
(الصورة ع يخلف 20/12/2013)

mercredi 10 octobre 2018



العابر العارف
من سواه الآن يحمل لهذه الأخاديد بعض الحنين؟
من سواه يصرف بعض الدقائق كي يلتقط صورة للمدينة الرابضة، المرابضة فوق صخرتها، المكابرة المتكبرة حدّ الانتحار؟
هذه قسنطينة وهذا جسرها، "باب القنطرة"، أقدمُها جميعا، منه جاءت القوافل محملة بالخيرات ومنه تسلل العسكر ليلا كي يحتل قصورها وبهاءها ومنه انتحر الطيّبون ممن لم يتحملوا نتانة الحياة وروائحها البشعة.
لم يكن الرجل هنا من أجل هذا أو ذاك. ممسكا بحديد الجسر بيده اليسرى، أخرج هاتفه النقال وراح يصوّر فيديو للأحراش المتشبثة والغربان المحلقة وبعض هدير وادي الرمال من تحتنا. التقطت له صورة وتحدثنا لوهلة قصيرة عن الجسر ومرتاديه. قال: "سَرْسَبْ سَرْسَابُو، خَرّاطْ شْعابو" (أي يسيل سيلانا ويحفر الشِعاب أمامه) مشيرا بيده للوادي.
انصرفَ وكان بودّي أن أسأله عن اسمه.
(الصورة ع.ي 30/09/2018)


mardi 25 septembre 2018



الكوليرا وحديقة الأنبياء
تعيش صفحات الفايسبوك على وقع أخبار الثامنة وكأن الكثير منّا لا يخرج من البيت إلا لقضاء حاجات ضرورية ولا ينهض من كرسيه إلا لقضاء حاجة طبيعية أما باقي الوقت فلكتابة نصوص تعيد أو تنتقد أو تمتدح ما سمعته الأذن من أخبار جاهزة على القنوات وبالصور الرقمية العالية الجودة. ما نراه هو ما تريده السياسة ... بالضبط، أي أن ينشغل المواطن بغلاء الخبز وانقطاعات تزويد السوق بالحليب والكوليرا والفيضانات وبعض الهراء الذي يثيره مرتادو المساحات الإعلامية عشاق البلاطوهات التلفزيونية وصفحات الأخبار الوطنية...إن تكرار ما يوجد في التلفزة ليس إبداعا لأننا نكون قد شاهدناه جميعا على المباشر ولسنا بحاجة إلى ببغاء أو أننا طرشان. كل ما يصل إلى التلفزة فهو للإلهاء لصرف النظر عن الأهم، المطلوب منا جميعا هو الاهتمام بالأشياء البسيطة التي تمر بمحاذاتنا وقد لا نرى جمالها لأننا منشغلون بالبحث عما قالته لنا الأخبار. هذا البلد الجميل بدا كأنه مزبلة كبيرة وبركة عفنة يجب الهروب منها بكل الطرق بما في ذلك الحرقة (التي تصبح شرعية) كي يبقى لقمة سائغة للصوص. رؤية النفايات والمزابل الكثيرة قد يصرف نظرنا عن الحدائق التي هي صنيع البسطاء من الناس وليست معجزات الأنبياء. (الصورة ع ي 20-01-2018 المدينة الجديدة/ قسنطينة).

mardi 18 septembre 2018




صدق / صداقة اللقلق

لم تكن تهمنا الأحوال الجوية التي يتم الإعلان عنها قبل نشرة الثامنة المتلفزة. كنا صغارا نعدو في سان جان بقسنطينة ولم نكن نخشى المطر. كان كل شيء لعبة، ضحكة، قهقهات وحبة حلوى "كابريس" بطعم البن. نتوقف عن اللعب للحظة ،نرفع رؤوسنا إلى السماء حين يمر السيد "بلارج" / اللقلق نبيّ الأعاصير والطقس المشمس. بصوت واحد كجوقة موسيقية منظمة نرفع أنظارنا إليه ونسأله بلحن كأنه الأغنية: "آبلارج نُو و الا صْحو؟" (أيها اللقلق: هل هو المطر أم الصحو؟) ثم ننتظر. يرد اللقلق بالتأكيد على سؤالنا. لم يخيّبنا يوما. إذا ما حرك جناحيه بطيران مجدافي نقول إنه المطر، وإذا لم يحركهما في طيران شراعي نقول إنه الصحو. كنا نصدّقه لأنه لم يكذب يوما علينا. كلما رأيت اليوم أبناء سلالته الأنيقة أكتفي بابتسامة وصورة.







كاليدونيا: آخر الأرض...أوّلها
حضرتُ هذه الأمسية 17 سبتمبر 2018 بمسرح قسنطينة عرضا مسرحيا بعنوان "كاليدونيا"، كتب النص جلال خشاب وأخرجه كريم بودشيش. إنها حكاية عبد الله الذي يمثل ذاكرة الجزائريين المنفيين إلى تلك الجزيرة الشبح من طرف الاستعمار الفرنسي الذي أراد أن يكسر عزيمة كل من يقف في وجهه. حين يركب الباخرة قسرا، يترك عبد الله خلفه زوجته "مريم" الحامل وأرضه وقريته ويعاني ما يعاني في الطريق نحو المجهول. الحنين والغربة والألم تعبر عنها الموسيقى والسينوغرافيا والأشرعة الموزعة في كل مكان ونقاط الضوء التي تطلع في الزوايا المظلمة كأنها الأفكار المنيرة. لن أقول أكثر. مشاهد رائعة تمتع البصر وتسافر بالمشاهد إلى زمن يبدو مضى منذ مدة لكنها تطرح الأسئلة الكثيرة. العمل الجيد هو الذي يثير شهية الأسئلة.// المبدعون يستحقون التشجيع و لا يكون ذلك إلا بمشاهدة أعمالهم...والتصفيق قليلا.